تُعَدُّ مشكلة قصر النظر من المشاكل الصحية المتزايدة انتشاراً، خاصةً بين الأطفال والمراهقين. فهي ناتجة عن استطالة مفرطة لمقلة العين، وقد أظهرت الدراسات أن ما يقارب 40% من الأطفال والمراهقين حول العالم قد يعانون من قصر النظر بحلول عام 2050. ووفقاً لتوقعات منظمة الصحة العالمية، فإن هذه النسبة في تزايد مستمر، مما يثير قلقاً عالمياً بشأن صحة البصر لدى الأجيال القادمة.

العوامل المؤدية إلى قصر النظر

بينما تلعب العوامل الوراثية دوراً رئيسياً في الإصابة بقصر النظر، إلا أن هناك عوامل بيئية أخرى تساهم بشكل كبير في زيادة خطر الإصابة وشدتها. من أبرز هذه العوامل: قلة التعرض لأشعة الشمس الطبيعية وقضاء وقت طويل في الأماكن المغلقة، وقضاء وقت طويل في التركيز على الأشياء القريبة، وعدم ممارسة الرياضة بشكل كافٍ. ويُعزى جزء كبير من هذه العوامل إلى ازدياد استخدام الأجهزة الرقمية، مما يبرز أهمية فهم العلاقة بين وقت الشاشة وقصر النظر.



دراسة كورية تكشف العلاقة بين وقت الشاشة وقصر النظر

أجرت مجموعة من الباحثين الكوريين دراسةً شاملةً لتحليل العلاقة بين استخدام الأجهزة الرقمية وقصر النظر. وقد قامت هذه الدراسة بتحليل 45 دراسة سابقة شملت 335,524 مشاركاً، غطت الدراسات استخدام الهواتف الذكية، أجهزة التلفاز، وأجهزة الكمبيوتر اللوحية. وقد تم نشر نتائج هذه الدراسة في مجلة JAMA Network Open والتي تُعَدُّ من المجلات العلمية المرموقة في مجال الطب.

وقد أظهرت نتائج التحليل أن كل ساعة إضافية يومياً يقضيها الأطفال أمام الشاشات ترتبط بزيادة احتمال الإصابة بقصر النظر بنسبة 21% في المتوسط. وهذه النسبة تُعَدُّ مثيرة للقلق، وتؤكد على ضرورة الحد من وقت الشاشة المخصص للأطفال.

تحليل الخبراء لنتائج الدراسة

علق البروفيسور Chris Hammond، استشاري طب العيون في كلية King’s College بلندن، على نتائج الدراسة الكورية. وقد أشار إلى أن هذه النتائج تعزز من المخاوف القائمة بشأن زيادة انتشار قصر النظر. فبناءً على معدل انتشار قصر النظر في المملكة المتحدة، والذي يُقدَّر بحوالي 15% بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 13 عاماً، فإن زيادة ساعة واحدة من وقت الشاشة يومياً قد تزيد من خطر الإصابة بنسبة 3%، بينما تصل هذه النسبة إلى 12% في حال استخدام الشاشة لمدة أربع ساعات يومياً.

كما أضاف الباحثون الكوريون أن الأطفال الذين يعانون بالفعل من قصر النظر، فإن كل ساعة إضافية من وقت الشاشة يوميًا تزيد من احتمالية تفاقم حالتهم بنسبة 54%. وهذا يبرز أهمية التدخل المبكر في حال ظهور أي أعراض لقصر النظر.

التأثير السلبي لوقت الشاشة

ad

أشارت الدراسة إلى أن العلاقة بين وقت الشاشة وقصر النظر تتزايد بشكل حاد مع زيادة عدد ساعات الاستخدام اليومية. فعند استخدام الشاشة لمدة ساعة واحدة يومياً، تزداد احتمالية الإصابة بنسبة 5% مقارنةً بعدم استخدامها، بينما ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 97% عند استخدام الشاشة لمدة أربع ساعات يومياً. ولكن، لم تُظهر الدراسة ارتباطاً واضحاً بين قصر النظر واستخدام الشاشة لمدة أقل من ساعة واحدة يومياً.

يُرجّح الباحثون أن يكون السبب الرئيسي في هذه العلاقة هو قلة التعرض للضوء الطبيعي الخارجي، حيث غالباً ما يكون استخدام الشاشات في الأماكن المغلقة. ويُعرف أن التعرض لأشعة الشمس له تأثير وقائي على صحة العين ويُساعد في تقليل خطر الإصابة بقصر النظر. لذا، فإن البقاء في الأماكن المغلقة لساعات طويلة مع التركيز على الشاشات يُحدّ من هذا التأثير الوقائي.

نصائح للوقاية من قصر النظر

يُشدد الخبراء على أهمية اتباع عدة إستراتيجيات للحد من خطر الإصابة بقصر النظر لدى الأطفال. وهذه الإستراتيجيات تشمل:

  • تقليل وقت الشاشة بشكل كبير، وتشجيع الأطفال على قضاء وقت أطول في الهواء الطلق.
  • توفير بيئة إضاءة جيدة عند استخدام الأجهزة الرقمية، وتشجيع فترات راحة منتظمة للعينين.
  • إجراء فحوصات دورية للعينين للكشف المبكر عن أي مشاكل في النظر.
  • توفير أنشطة بدنية متنوعة للأطفال لتقليل وقت الجلوس أمام الشاشات.
  • الحرص على تناول غذاء صحي غني بالفيتامينات والمعادن التي تُساهم في الحفاظ على صحة العين.

أكد البروفيسور Rupert Bourne، استشاري جراحة العيون في جامعة Anglia Ruskin، على أهمية هذه الدراسة في تطوير استراتيجيات تعليمية وسياسات صحية عامة للحد من انتشار قصر النظر. فالتفاقم في قصر النظر يزيد من خطر الإصابة بأمراض خطيرة تهدد البصر. لذا، فإن التوعية والوقاية هما من أهم الخطوات للحفاظ على صحة البصر لدى الأطفال.

ملخص المقال:

  • ✨ قصر النظر مشكلة متزايدة بين الأطفال والمراهقين، وتُعزى أسبابها إلى عوامل وراثية وبيئية.
  • ✨ دراسة كورية ربطت بين زيادة وقت الشاشة والإصابة بقصر النظر، حيث تزيد كل ساعة إضافية من خطر الإصابة بنسبة 21%.
  • ✨ الخبراء حذروا من خطورة تفاقم قصر النظر، وأكدوا على أهمية الوقاية من خلال تقليل وقت الشاشة وزيادة التعرض للضوء الطبيعي.
  • ✨ يُنصح باتباع نمط حياة صحي، وتقليل وقت الشاشة، وزيادة النشاط البدني، وإجراء فحوصات دورية للعيون.

في الختام، تُظهر هذه الدراسات بوضوح العلاقة القوية بين استخدام الأجهزة الرقمية بشكل مفرط والإصابة بقصر النظر لدى الأطفال. لذا، فإن اتخاذ إجراءات وقائية فعالة أمر بالغ الأهمية للحفاظ على صحة بصر أطفالنا ومستقبلهم البصري. ننصح بقراءة المزيد من مقالاتنا حول نصائح لصحة العين و وقاية الأطفال من الأمراض للحصول على معلومات أكثر تفصيلاً.