في تطور يثير القلق بشأن أمن المعلومات، كشفت تقارير حديثة عن واقعة تسريب بيانات حساسة تتعلق بخطط عسكرية أمريكية سرية. اللافت في الأمر أن هذا التسريب تم عبر تطبيق سيجنال، وهو تطبيق مراسلة مشفر يشتهر بخصائصه الأمنية. هذه الحادثة تثير تساؤلات جوهرية حول مدى ملاءمة استخدام التطبيقات المشفرة، مثل سيجنال، في تبادل المعلومات الحساسة المتعلقة بالأمن القومي.



وفقًا لتقرير نشرته مجلة "ذا أتلانتك"، فإن رئيس تحرير المجلة، جيفري غولدبرغ، أُضيف بالخطأ إلى مجموعة دردشة على تطبيق سيجنال كانت مخصصة لمناقشة تفاصيل عملية عسكرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن. المجموعة، التي حملت اسم "Houthi PC Small group"، ضمت 18 مسؤولاً رفيع المستوى، بما في ذلك شخصيات بارزة في الإدارة الأمريكية.

المعلومات الحساسة المتعلقة بالهجوم العسكري المحتمل نوقشت بشكل علني داخل المجموعة، دون أن يعلم أحد بوجود غولدبرغ. وفي 15 مارس 2025، نُفذت الضربة الجوية في اليمن كما هو مخطط لها في المجموعة. هذه الواقعة تثير تساؤلات حول البروتوكولات الأمنية المتبعة في الإدارة الأمريكية، وكيفية إدارة المعلومات الحساسة في العصر الرقمي.

المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، بريان هيوز، أكد صحة التسريبات، وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية بصدد مراجعة الإجراءات التي أدت إلى إضافة رقم غولدبرغ بالخطأ إلى المجموعة. هذا الاعتراف الرسمي يؤكد خطورة الموقف، ويستدعي اتخاذ إجراءات فورية لتجنب تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.

على الرغم من أن تطبيق سيجنال يعتمد على التشفير من طرف إلى طرف لحماية خصوصية المحادثات، إلا أن هذه الواقعة كشفت عن وجود ثغرات في كيفية استخدام التطبيق في تداول المعلومات السرية. التشفير وحده لا يكفي لضمان أمن المعلومات، بل يجب أن يكون هناك وعي كامل بالمخاطر المحتملة، واتباع إجراءات أمنية صارمة..

تسريب معلومات عسكرية حساسة عبر تطبيق سيجنال

خبراء في الأمن القومي أكدوا أن سيجنال ليس تطبيقًا معتمدًا لمناقشة الخطط العسكرية الحساسة، وأن استخدامه لهذا الغرض يعتبر مخالفة للإجراءات الأمنية المتبعة. هذا التحذير يشدد على أهمية استخدام الأدوات والمنصات المعتمدة فقط في تداول المعلومات السرية، وتجنب استخدام التطبيقات التقليدية التي قد تكون عرضة للاختراق أو التسريب.

فضيحة أمنية.. تسريب خطط عسكرية أمريكية عبر تطبيق سيجنال


بالإضافة إلى ذلك، فإن إجراء محادثات حول عمليات عسكرية سرية خارج الأجهزة والمنشآت المعتمدة يزيد من خطر فقدان الأجهزة أو سرقتها، مما يعرض المعلومات الحساسة للخطر. هذا الأمر يستدعي اتخاذ إجراءات احترازية إضافية، مثل تأمين الأجهزة المستخدمة بكلمات مرور قوية، وتشفير البيانات المخزنة عليها، وتفعيل خاصية المسح عن بعد في حالة فقدان الجهاز.

مجلة ذا أتلانتك ذكرت أيضًا أن أعضاء المجموعة تبادلوا رموزًا تعبيرية احتفالية بعد تنفيذ الضربة الجوية، مثل عضلة مشدودة، وعلم أمريكي، وإشارة قبضة اليد. هذه التفاصيل تكشف عن طبيعة المجموعة، وتشير إلى أن المشاركين فيها كانوا على دراية بأهمية العملية العسكرية التي تم تنفيذها.

خلال مؤتمر صحفي، سُئل الرئيس الأمريكي عن التقرير والمحادثة المسربة، فأجاب بأنه لا يعرف أي شيء عن هذا الموضوع، وأنه يسمع به للمرة الأولى. هذا الرد يثير تساؤلات حول مدى إلمام الرئيس بالتفاصيل الأمنية المتعلقة بإدارة المعلومات الحساسة، ويشدد على أهمية إطلاعه على مثل هذه القضايا بشكل دوري.

**تداعيات تسريب المعلومات العسكرية عبر سيجنال**

تتجاوز تداعيات هذه الحادثة مجرد تسريب معلومات. إنها تثير أسئلة حول:

هذه الحادثة يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار للإدارات الحكومية والمؤسسات العسكرية حول العالم، للتأكد من أن لديها استراتيجيات قوية لحماية المعلومات الحساسة، وأنها تستخدم الأدوات والمنصات المناسبة لذلك.

**هل سيجنال آمن حقًا؟**

على الرغم من أن سيجنال يعتبر من بين أكثر تطبيقات المراسلة أمانًا، إلا أنه لا يزال عرضة للمخاطر، خاصة عند استخدامه من قبل أفراد لا يلتزمون بالإجراءات الأمنية اللازمة. التشفير يحمي المحتوى، ولكنه لا يحمي من الأخطاء البشرية أو الإهمال.

لضمان أمان المعلومات الحساسة، يجب على المستخدمين:

بالإضافة إلى ذلك، يجب على المؤسسات الحكومية والعسكرية وضع سياسات وإجراءات صارمة لتنظيم استخدام تطبيقات المراسلة، وتدريب الموظفين على كيفية التعامل مع المعلومات الحساسة بشكل آمن.

في الختام، يجب أن تكون هذه الحادثة بمثابة تذكير بأهمية اليقظة الأمنية، والوعي بالمخاطر المحتملة في العصر الرقمي. أمن المعلومات مسؤولية مشتركة، تتطلب تضافر جهود الأفراد والمؤسسات، واتباع أفضل الممارسات لحماية البيانات الحساسة.