يبدو أن الأمور ليست على ما يرام داخل أروقة آبل، فعملاق التكنولوجيا يواجه تحديات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي. كشف تقرير حديث من موقع "ذا إنفورميشن" عن وجود اضطرابات داخلية وخلافات إدارية تعيق تطوير مشروع "سيري" الجديد، والذي كان من المفترض أن يقدم مزايا ذكية مبتكرة تحت اسم Apple Intelligence . هذه المشاكل أثرت بشكل ملحوظ على طموحات الشركة في هذا المجال الحيوي.
كيف كذب آبل على مستخدميها وضحكت عليهم؟
وفقًا للتقرير، درست آبل عدة خيارات لتفعيل مزايا الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تطوير نموذجين للغة: نموذج صغير باسم "Mini Mouse" يعمل مباشرة على أجهزة آيفون، ونموذج أكبر باسم "Mighty Mouse" يعتمد على الحوسبة السحابية. ومع ذلك، تراجعت إدارة سيري عن هذه الخطة، مفضلة نموذجًا لغويًا ضخمًا يعمل عبر السحابة، قبل أن تعود مجددًا إلى خيارات تقنية أخرى. هذا التذبذب في القرارات أثار استياء المهندسين، ودفع بعضهم إلى مغادرة الشركة، مما أثر سلبًا على سير العمل.
الأزمة لم تقتصر على التخبط الفني، بل تفاقمت بسبب الخلافات الشخصية بين أعضاء فرق العمل، بالإضافة إلى بيئة عمل وُصفت بأنها "مسترخية" مع ضعف الحافز على الابتكار والمجازفة. هذا ما أكده أكثر من ستة موظفين سابقين في قسم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في آبل، مما يعكس صورة قاتمة عن الوضع الداخلي.
وصل الأمر ببعض الموظفين إلى تسمية مجموعة سيري داخليًا بـ "AIMLess"، في إشارة ساخرة إلى فقدان الهدف والتوجه. بينما يُنظر إلى Siri نفسها على أنها "كرة النار" التي تنتقل بين الفرق دون تحقيق أي تحسينات جوهرية. هذا يعكس حالة من الإحباط وعدم الرضا بين العاملين.
تجدر الإشارة إلى أن كلمة AIMLess هي تورية تجمع بين اختصار AIML (Apple Intelligence and Machine Learning) وكلمة "aimless" الإنجليزية التي تعني "بلا هدف". هذا يعكس بوضوح الإحساس السائد داخل الشركة بفقدان الاتجاه في تطوير الذكاء الاصطناعي.
لم تتوقف المشاكل عند هذا الحد، بل أشار التقرير أيضًا إلى وجود نزاعات داخلية تتعلق بالفروقات في الرواتب والترقيات والإجازات الطويلة وساعات العمل القصيرة التي يتمتع بها بعض العاملين في فرق الذكاء الاصطناعي مقارنة بغيرهم. هذه التفاوتات خلقت بيئة من الاستياء وعدم المساواة بين الموظفين.
رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في آبل، جون جياناندريا، كان يعتقد أنه قادر على إصلاح سيري من خلال تدريب أفضل ونماذج دقيقة لاستخلاص المعلومات من الإنترنت. ولم يبدِ قلقًا كبيرًا عند إطلاق ChatGPT في عام 2022، بل أخبر موظفيه أن هذه النوعية من الدردشات الذكية لا تقدم قيمة حقيقية للمستخدمين. هذا يعكس رؤية متحفظة تجاه التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي.
في المقابل، ركز روبي ووكر، مدير سيري، على ما وصفه التقرير بـ "الإنجازات الصغيرة"، مثل تقليص زمن الاستجابة. وكان من أبرز مشاريعه إزالة كلمة "Hey" من الأمر الصوتي "Hey Siri"، وهو تعديل استغرق أكثر من عامين لتنفيذه. كما رفض مبادرة لفريق هندسي كانت تهدف إلى إدخال حساسية عاطفية لدى سيري، تجعل المساعد الصوتي قادرًا على اكتشاف حالات الانزعاج أو الضيق لدى المستخدمين. هذا يشير إلى وجود اختلاف في الأولويات والتوجهات بين القيادات في آبل.
وكشف التقرير مفاجأة من العيار الثقيل، وهي أن العرض الذي قدمته آبل خلال مؤتمر WWDC 2024 بشأن المزايا المتقدمة لـ Apple Intelligence ، مثل قدرة سيري على تحليل البريد الإلكتروني لاستخلاص بيانات الرحلات الجوية وتذكير المستخدم بموعد الغداء ورسم مسار عبر الخرائط، لم يكن حقيقيًا. بل فاجأ حتى بعض أعضاء فريق سيري الذين لم يشاهدوا نسخًا عاملة من هذه القدرات. هذا يثير تساؤلات حول مدى مصداقية العروض التقديمية التي تقدمها آبل.
هذا التوجه بتقديم استعراض غير حقيقي للمزايا الجديدة يُعد خروجًا نادرًا عن سياسة آبل التي حرصت دائمًا على تقديم تقنيات جاهزة فعليًا للاختبار والنشر في فعالياتها الرسمية. هذا قد يؤثر على ثقة المستخدمين في الشركة ومنتجاتها.
ومع ذلك، لا تزال هناك بعض الآمال معقودة داخل الشركة على قدرة كريغ فيديريغي، رئيس قسم هندسة البرمجيات، ومايك روكويل، رئيس سيري الجديد ، على إعادة سيري إلى المسار الصحيح. خاصةً مع توجيهات فيديريغي الصريحة للمهندسين ببذل كل ما يلزم لتطوير أفضل مزايا الذكاء الاصطناعي، حتى وإن تطلب الأمر استخدام نماذج مفتوحة المصدر من شركات أخرى بدلًا من الاكتفاء بتقنيات آبل الداخلية. هذا يعكس تحولًا محتملًا في استراتيجية الشركة نحو المزيد من الانفتاح والتعاون.
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير أخير أن شركة آبل تخطط لإطلاق نسخة محسّنة وأكثر ذكاءً من "سيري" بحلول خريف عام 2025، أي قبل نهاية العام الجاري. هذا يعطي بصيص أمل في أن آبل قد تكون قادرة على تجاوز التحديات الحالية وتقديم منتج يلبي تطلعات المستخدمين.
- ✓✓° تقرير يكشف عن اضطرابات داخلية في آبل تعيق تطوير "سيري" الجديد.
- ✓✓° تخبط في القرارات الفنية وخلافات شخصية تؤثر على سير العمل.
- ✓✓° بيئة عمل "مسترخية" وضعف الحافز على الابتكار.
- ✓✓° عرض غير حقيقي لمزايا Apple Intelligence في مؤتمر WWDC 2024.
- ✓✓° آمال معلقة على القيادات الجديدة لإعادة "سيري" إلى المسار الصحيح.
- ✓✓° خطط لإطلاق نسخة محسنة من "سيري" بحلول خريف 2025.
في الختام، يبدو أن آبل تواجه تحديات حقيقية في مجال الذكاء الاصطناعي، ولكن مع القيادة الجديدة والتوجه نحو المزيد من الانفتاح والتعاون، قد تتمكن الشركة من تجاوز هذه العقبات وتقديم منتجات مبتكرة تلبي تطلعات المستخدمين. يبقى السؤال: هل ستنجح آبل في استعادة مكانتها في هذا المجال الحيوي؟ هذا ما ستكشفه لنا الأشهر القادمة. ولا تنسوا الاطلاع على مقالاتنا الأخرى حول آخر تطورات الذكاء الاصطناعي و أخبار شركة آبل .