انتشرت مؤخراً على منصات التواصل الاجتماعي تقنية مزعومة يستخدمها أفراد الجيش للنوم خلال دقيقتين فقط، وهي تقنية أغرت الكثيرين ممن يتوقون إلى الراحة السريعة بمجرد إغماض أعينهم. لكن، هل هذا الادعاء واقعي بالقدر الذي يتم تسويقه به؟ يشير الخبراء، مثل دين جيه. ميلر، خبير النوم في جامعة سنترال كوينزلاند الأسترالية، في تحليلاته المنشورة عبر موقع "ذا كونفرسيشن"، إلى أن الأمر أكثر تعقيداً، وقد لا تكون هذه الطريقة ضرورية أو فعالة للجميع بنفس القدر.
- ✅ تتمحور "خدعة النوم العسكرية" حول ثلاث خطوات أساسية تشمل استرخاء العضلات والتنفس المنضبط والتصور الهادئ.
 - ✅ تتقاطع هذه التقنية بشكل مباشر مع مبادئ العلاج السلوكي المعرفي للأرق (CBT-I)، خاصة فيما يتعلق بتقنيات الاسترخاء والتنفس.
 - ✅ قد ينجح العسكريون في تطبيقها بفعالية عالية بسبب تدريبهم العالي وقدرتهم على التركيز على ما يملكون السيطرة عليه (مثل التنفس وحالة العضلات).
 - ✅ النوم السريع جداً قد يكون مؤشراً سلبياً لدى المدنيين يدل على حرمان سابق من النوم بدلاً من كونه نجاحاً في تقنية جديدة.
 
على الرغم من أن النجاح غير مضمون لأي حيلة نوم، بما في ذلك هذه، إلا أنها تمتلك أساساً قوياً في الممارسات السريرية. بالنسبة للمدنيين، قد يشير النوم بهذه السرعة إلى أن الجسم يعاني من تراكم كبير لحاجته للنوم من اليوم السابق. لذا، إذا تكرر هذا الأمر، فقد يكون إشارة إلى ضرورة مراجعة روتينك اليومي. ومع ذلك، يظل بإمكان الأفراد العاديين الاستفادة من هذه التقنيات، حيث إنها تدمج عناصر شائعة ومُوصى بها لمواجهة الأرق. لنستعرض تفاصيل هذه الخدعة ونحلل العناصر القابلة للتطبيق.
ما هي ركائز خدعة النوم العسكرية؟
تعتمد هذه التقنية على ثلاث خطوات متسلسلة ومترابطة. الخطوة الأولى هي **الاسترخاء العضلي التدريجي**، والذي يبدأ بشد مجموعة من العضلات وإرخائها بالتتابع، بدءاً من عضلات الوجه، ثم الرقبة والكتفين، فالذراعين، وصولاً إلى الساقين والقدمين. يمكن توسيع النطاق ليشمل عضلات أخرى مثل عضلات الأرداف، والمهم هو المحافظة على تسلسل الانقباض ثم الارتخاء من الأعلى إلى الأسفل.
أما الخطوة الثانية، فتتعلق بضبط **التنفس**؛ حيث يُنصح بالحفاظ على نمط تنفس هادئ ومنتظم، مع التركيز على الزفير بطريقة مريحة وطويلة.
وأخيراً، تتطلب الخطوة الثالثة **التصور الذهني الهادئ**؛ وهي مرحلة يتم فيها تحويل التركيز إلى مشهد أو بيئة تبعث على السكينة، مثل تخيل الجسم وهو يطفو بهدوء فوق سطح ماء ساكن، أو الاستلقاء في حقل واسع وهادئ بعيداً عن الضوضاء.
تفسير الخبراء وعلاقتها بالعلاج المعرفي (CBT-I)
تتوافق الخطوات الثلاث المذكورة أعلاه بشكل مباشر مع مكونات أساسية للعلاج السلوكي المعرفي للأرق (CBT-I)، والذي يُعد العلاج النفسي الأكثر قوة ومدعوماً بأقوى الأدلة العلمية لمساعدة من يعانون من اضطرابات النوم. يتألف هذا العلاج عادة من عدة محاور رئيسية:
- العلاج المعرفي: معالجة الجوانب القلقية والمعتقدات الخاطئة حول النوم، والتي تتفاقم غالباً بسبب ليالٍ من الأرق.
 - التحكم بالمحفزات: ضبط العوامل البيئية المحيطة بالنوم، مثل شدة الإضاءة أو درجة حرارة الغرفة، لربط السرير بالراحة فقط.
 - تقييد استخدام السرير: تعويد العقل على أن السرير مخصص للنوم فقط، مما يعزز الاستجابة الطبيعية للنعاس عند الاستلقاء.
 - صحة النوم (النظافة): وضع روتين ثابت قبل النوم، يشمل تجنب الكافيين والكحوليات في أوقات متأخرة، والحفاظ على جدول نوم منتظم.
 - تقنيات الاسترخاء واليقظة: استخدام أدوات مثل استرخاء جاكوبسون التدريجي (المماثل لتقنية الجيش)، والتحكم في التنفس، وممارسة اليقظة الذهنية.
 
تقنية الجيش تتركز بشكل خاص حول النقطة الخامسة المذكورة في العلاج السلوكي المعرفي. استرخاء جاكوبسون هو تطبيق حرفي لتقنية شد وإرخاء العضلات. أما التنفس المتحكم، فيشمل غالباً التنفس البطني الذي يركز على الحجاب الحاجز لتحقيق تنفس واعٍ ومريح. وتتطلب اليقظة الذهنية تركيزاً حصرياً على اللحظة الحالية واستقبال المُحفزات دون السماح للأفكار العابرة بالسيطرة، وغالباً ما تُدعم بتمارين التصور الذهني (الخطوة الثالثة في خدعة الجيش).
لماذا قد تنجح هذه التقنية بشكل أسرع مع العسكريين؟
بالنظر إلى أن خدعة النوم العسكرية تدمج إحدى الركائز الأساسية للعلاج السلوكي المعرفي للأرق، فمن المنطقي أن يكون لها تأثير. لكن ميلر يوضح أن نجاحها السريع مع أفراد الجيش يعود إلى عاملين أساسيين غير مذكورين بالضرورة في المنشورات السطحية. أولاً، يلتزم أفراد الجيش بشكل شبه مطلق بمبدأ **تقييد استخدام السرير للنوم فقط** (أو كيس النوم في الميدان). ثانياً، غالباً ما يتبعون روتيناً صارماً للنوم والانضباط العام، خاصة خارج أوقات العمليات الحرجة.
في المواقف التي لا يمكنهم فيها التحكم إلا في حالتهم الداخلية (كأثناء الانتظار أو في ظروف صعبة)، يتدربون على التركيز فقط على ما هو تحت سيطرتهم المطلقة: طريقة التنفس وحالة العضلات والأفكار المسموح بمرورها. هذا التركيز المُنضبط، المدعوم بتدريب عالٍ على تجاوز المعوقات، يجعلهم أكثر فعالية في تطبيق تقنيات الاسترخاء العضلي والتصور. لهذا السبب، يصبح تحقيق النوم في دقيقتين ممكناً لهم، بينما قد يحتاج المدنيون إلى وقت أطول لدمج هذه العادات ضمن نمط حياتهم.
ما هو الفرق بين التنفس العسكري والتنفس العادي؟
في سياق خدعة النوم، يركز التنفس العسكري على الزفير الطويل والمسيطر عليه، وهو ما يهدف إلى تنشيط الجهاز العصبي السمبتاوي المسؤول عن الاسترخاء والراحة. هذا يختلف عن التنفس السطحي والسريع الذي قد يمارسه الشخص تحت ضغط أو قلق.
هل يجب على المدنيين القلق إذا ناموا بسرعة فائقة؟
إذا كان النوم السريع جداً (أقل من 5 دقائق) يتكرر بشكل متواصل، فقد يكون ذلك مؤشراً على أن الجسم يعاني من دين نوم تراكمي. في هذه الحالة، بدلاً من اعتبارها إنجازاً، يجب استشارة مختص للنظر في جدول النوم الكلي.
هل تقنية التصور في خدعة الجيش تختلف عن التأمل؟
تقنية التصور (تخيل مكان هادئ) هي شكل مبسط من أشكال التأمل الموجه. الهدف هو تثبيت العقل على صورة إيجابية ومريحة، مما يمنع الأفكار المقلقة من التسلل أثناء محاولة الاسترخاء الجسدي.
هل استرخاء جاكوبسون فعال وحده دون التنفس؟
يمكن أن يكون استرخاء جاكوبسون فعالاً بحد ذاته لأنه يحرر التوتر الجسدي المتراكم. ومع ذلك، فإن دمجه مع التنفس المضبوط يعزز الاستجابة الفسيولوجية للهدوء، مما يسرّع عملية الدخول في النوم بشكل ملحوظ.
هل هناك حاجة لاستخدام جميع الخطوات الثلاث معاً؟
للحصول على أفضل النتائج، يوصى بتطبيق الخطوات الثلاث بالتتابع لضمان إشراك العقل والجسم في عملية الاسترخاء. ومع ذلك، قد يجد البعض أن التركيز على خطوة واحدة، مثل الاسترخاء العضلي، كافٍ إذا كانت مشاكل النوم لديهم جسدية بالدرجة الأولى.
هل يمكن تطبيق هذه التقنية في بيئات غير مريحة؟
نعم، وهي الفكرة الأساسية من وراءها. التدريب العسكري يهدف إلى جعل هذه التقنيات قابلة للتطبيق حتى في ظل الظروف الميدانية الصعبة، بالاعتماد على التركيز الداخلي بدلاً من البيئة الخارجية المساعدة.
🔎 في الختام، يمكن القول إن "خدعة النوم العسكرية" ليست مجرد خرافة عابرة، بل هي تطبيق مكثف ومركز لبعض أقوى التقنيات المثبتة علمياً في مجال علاج الأرق، خاصة الاسترخاء والتنفس الهادف. بينما قد يجد المدنيون أن تحقيق نوم عميق في دقيقتين يتطلب ممارسة وصبرًا، فإن استيعاب المكونات الأساسية لهذه التقنية يوفر خارطة طريق عملية لتهدئة العقل والجسم، مما يعزز بشكل كبير فرص الحصول على نوم هانئ ومريح، حتى لمن يعانون من الأرق المزمن. تطبيق هذه المبادئ الانضباطية يمثل خطوة ممتازة نحو تحسين جودة النوم الصحي عموماً.

قم بالتعليق على الموضوع