شهدت صناعة الدفاع الفرنسية إنجازاً محورياً مع إعلان وزارة الدفاع عن التشغيل الناجح للمفاعل النووي الخاص بالغواصة الهجومية الجديدة "دي غراس" (De Grasse). يمثل هذا الإنجاز تفعيل التفاعل المتسلسل النووي تحت السيطرة الكاملة، مما يفتح الباب أمام المرحلة الحاسمة من التجارب البحرية المعروفة بـ "تجارب ألفا". هذه التجارب ضرورية لضمان التكامل التام لجميع أنظمة الدفع والملاحة قبل تسليم الغواصة رسمياً للبحرية الفرنسية.
- ✅ يمثل تشغيل المفاعل النووي لغواصة "دي غراس" خطوة أولى نحو بدء التجارب البحرية (ألفا).
- ✅ "دي غراس" هي الغواصة الرابعة ضمن سلسلة "سوفرين" المتطورة، وهي جزء من برنامج "باراكودا" الاستراتيجي.
- ✅ يعتمد نظام الدفع على مفاعل متقدم يعمل بالماء المضغوط، يوفر قدرة حرارية تصل إلى 150 ميغاواط.
- ✅ تتميز الغواصة بتقنيات تخفٍ (شبحية) فائقة، مما يقلل بشكل كبير من بصمتها الصوتية مقارنة بالأجيال السابقة.
- ✅ تمتلك الغواصة قدرة هجومية متقدمة تشمل صواريخ "كروز" البحرية (MdCN) لضرب الأهداف البرية العميقة.
تفاصيل تكنولوجيا الدفع النووي والقدرات الاستراتيجية
يُعد قلب "دي غراس" النابض هو المفاعل النووي المتقدم الذي طورته هيئة الطاقة الذرية الفرنسية ونفذته شركة **TechnicAtome**. تعتمد هذه التقنية على استخدام الانشطار النووي لتوليد حرارة مكثفة في دائرة مغلقة من الماء المضغوط. يتم نقل هذه الحرارة إلى دائرة ثانوية لتحويل الماء إلى بخار عالي الضغط، الذي بدوره يدير التوربينات المسؤولة عن الدفع وتوليد الكهرباء. هذه الآلية تمنح الغواصة استقلالية نظرية غير محدودة تحت الماء، مقيدة فقط بمتطلبات إمدادات الطاقم، مع قدرة توليد تضمن مرونة تكتيكية عالية.
من الناحية الهيكلية، تنتمي "دي غراس" إلى فئة الغواصات الهجومية النووية (SSN)، حيث يبلغ طولها 99 متراً وقطرها حوالي 9 أمتار، بوزن يصل إلى 5,100 طن عند الغوص. الميزة الأبرز لهذه الفئة هي قدرتها الشبحية المتقدمة، التي تجعل اكتشافها تحدياً كبيراً للأنظمة المعادية. يتم تشغيل هذه السفينة المعقدة بواسطة طاقم أساسي يضم 63 بحاراً، مع مساحة مخصصة لاستيعاب 15 عنصراً إضافياً من القوات الخاصة، مما يؤكد دورها المحوري في العمليات السرية والدعم اللوجستي للعمليات الخاصة، خاصة بفضل تجهيزها بحجرة "السطح الجاف" القابلة للإزالة.
الترسانة والإحلال الاستراتيجي لأسطول الغواصات
تتسلح "دي غراس" بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا البحرية، بما في ذلك طوربيدات F21 الموجهة عبر الألياف البصرية، وصواريخ "إكزوسيت" (SM39) المضادة للسفن. ولكن ما يميز هذا الجيل الجديد هو القدرة على تنفيذ ضربات استراتيجية عميقة عبر صواريخ "كروز" البحرية (MdCN). هذه الصواريخ تمنح فرنسا القدرة على استهداف أهداف برية بعيدة المدى بدقة فائقة، وهي ميزة لم تكن متاحة بنفس الكفاءة في غواصات فئة "روبيس" المتقادمة التي تسعى فرنسا لاستبدالها بالكامل ضمن برنامج **برنامج باراكودا**.
حالياً، تعتمد فرنسا على قوة بحرية نووية هجينة تشمل غواصات الردع الاستراتيجي الباليستية (SSBN) من فئة "لو تريومفان"، وأربع غواصات هجومية (SSN) هي "سوفرين"، و"دوغواي تروين"، و"تورفيل"، بالإضافة إلى ما تبقى من فئة "روبيس". بانضمام "دي غراس"، ولاحقاً الغواصتين المتبقيتين "روبيس" (الجديدة) و"كازابيانكا" قبل عام 2030، سيكتمل عقد برنامج "باراكودا" ليصبح الأسطول مكوناً من ست غواصات هجومية حديثة، تشكل نواة القوة البحرية الفرنسية للمناورات العميقة.
ما هو الدور الأساسي لغواصات فئة "سوفرين"؟
تتمثل الأدوار الأساسية لغواصات فئة "سوفرين" في تنفيذ مهام الهجوم البحري، جمع المعلومات الاستخباراتية، دعم العمليات الخاصة، والقدرة على توجيه ضربات صاروخية بعيدة المدى ضد أهداف برية استراتيجية، مع الحفاظ على قدرة تخفٍ عالية جداً.
كم عدد الغواصات التي سيضمها برنامج "باراكودا" عند اكتماله؟
عند اكتمال برنامج "باراكودا" بحلول عام 2030، ستضم القوة الفرنسية ست غواصات هجومية نووية حديثة من فئة "سوفرين"، لتحل محل كامل أسطول "روبيس" القديم.
ما هي أبرز الميزات التكتيكية التي توفرها صواريخ MdCN؟
توفر صواريخ "كروز" البحرية (MdCN) ميزة استراتيجية فريدة، إذ تتيح للغواصة توجيه ضربات دقيقة ومؤثرة ضد أهداف برية تقع في عمق اليابسة، وهي ميزة لم تكن متاحة للغواصات الفرنسية الأقدم بنفس المستوى من الدقة والمدى.
ما هو الغرض من "تجارب ألفا" التي تلي تشغيل المفاعل؟
تهدف "تجارب ألفا" إلى التحقق العملي والشامل من كفاءة وجاهزية جميع أنظمة الدفع والملاحة والتحكم داخل الغواصة بعد تفعيل المفاعل النووي، لضمان أدائها الأمثل قبل دخولها الخدمة الرسمية.
🔎 يمثل تشغيل مفاعل "دي غراس" علامة فارقة في تعزيز القدرات البحرية الاستراتيجية لفرنسا، مؤكداً التزامها بالحفاظ على تفوقها التكنولوجي في مجال الغواصات النووية الهجومية. إن التكامل الناجح لهذه التقنيات المعقدة يضع فرنسا في مصاف القوى البحرية القليلة القادرة على نشر قوة ردع هجومية متقدمة، مما يضمن لها دوراً حاسماً في المشهد الأمني العالمي المستقبلي، ويؤكد أن الاستثمار في البحث والتطوير النووي البحري هو مفتاح السيادة العسكرية الحديثة.
قم بالتعليق على الموضوع