تُعد الطاقة الشمسية أحد أهم ركائز المستقبل المستدام، ولكن التحدي الأكبر الذي يواجه انتشارها الواسع يظل مرتبطاً بعمليات التخزين والنقل، التي غالباً ما تكون مكلفة ومعقدة وتعتمد على البنية التحتية الكهربائية التقليدية. في خطوة رائدة تتجاوز حدود الألواح الشمسية والبطاريات التقليدية، نجح فريق من الباحثين في جامعة تيانجين للتكنولوجيا في الصين بتطوير نظام ثوري جديد. هذا النظام يتيح تخزين الطاقة الشمسية مباشرة داخل وسط كيميائي سائل، ليتم تحويل هذا السائل المشحون لاحقاً إلى وقود هيدروجيني نقي عند الطلب.
- ✅ تجاوز البنية التحتية الكهربائية: تعمل التقنية الجديدة دون الحاجة لأسلاك أو شبكات كهربائية معقدة.
- ✅ ظروف تشغيل مثالية: تتم عملية التخزين والتحويل في درجات حرارة وضغط عاديين، مما يلغي الحاجة لتقنيات التبريد العميق أو الضغط العالي.
- ✅ فصل مرحلتي التجميع والاستهلاك: يتيح النظام إمكانية تجميع الطاقة الشمسية في مكان ونقل السائل المشحون لاستخدامه في مكان آخر لاحقاً.
- ✅ مكونات بسيطة ومتاحة: يعتمد تكوين "البطارية الشمسية السائلة" على مواد تجارية غير مكلفة متاحة بسهولة.
يكمن سر هذا الابتكار في تركيبة "البطارية الشمسية السائلة"، التي تستخدم الماء كمذيب أساسي داخل وعاء تفاعل موحد. يتألف الخليط من محفز ضوئي أساسي هو "نتريد الكربون الجرافيتي" (المسؤول عن امتصاص الضوء)، ووسيط تخزين إلكتروني وهو "ميتاتنجستات الأمونيوم" المذاب في الماء، والذي يشكل عناقيد من التنجستن والأكسجين. ولضمان سير التفاعلات بكفاءة، يُضاف الميثانول كعامل مساعد، مع ضبط الوسط المحيط ليكون حمضياً.
آلية الشحن والتخزين الكيميائي للطاقة الشمسية
في البيئة الحمضية للنظام، يتم شحن السائل ضوئياً. تتفاعل أسطح نتريد الكربون المكتسبة شحنة موجبة مع عناقيد التنجستن الذائبة ذات الشحنة السالبة، مما يؤدي إلى تشكيل بنية هجينة متجاذبة كهربائياً. عندما يسقط ضوء الشمس، يمتص نتريد الكربون الفوتونات، وتنتقل إلكتروناته إلى مستويات طاقة أعلى. يمنع الميثانول عودة هذه الإلكترونات عبر ملء الفجوات الموجبة، مما يجبر الإلكترونات المثارة على الانتقال إلى عناقيد التنجستن الملاصقة. تستقبل ذرات التنجستن هذه الشحنات عبر تفاعل اختزال، يتحول فيه التنجستن من الحالة السداسية إلى الخماسية. يمكن رصد نجاح عملية التخزين هذه بصرياً من خلال تحول لون المحلول من الأصفر الشاحب إلى اللون الأزرق الداكن، وهو مؤشر واضح على تشبع التنجستن بالإلكترونات المخزنة.
أما توليد الهيدروجين واستعادة الطاقة المخزنة، فيتم في مرحلة التفريغ التي تتم في الظلام وبتحفيز كيميائي مُحكم. يتم إدخال محفز بلاتيني دقيق محمول على الكربون إلى السائل الأزرق. يعمل البلاتين كمركز نشط، حيث تنتقل إليه الإلكترونات من التنجستن، لتبدأ فوراً بالتفاعل مع أيونات الهيدروجين (البروتونات) في الوسط الحمضي. هذا التفاعل ينتج غاز الهيدروجين النظيف كوقود. بالتوازي، تتأكسد ذرات التنجستن لتعود إلى حالتها الأصلية، ويختفي اللون الأزرق ليعود السائل إلى لونه الأصفر، معلناً جاهزيته لبدء دورة شحن جديدة. هذا الفصل بين التجميع والاستهلاك يفتح آفاقاً واسعة لتطبيقات **الطاقة المتجددة**.
| المرحلة | المدخلات / الظروف | المخرجات الرئيسية |
|---|---|---|
| الشحن الضوئي | ضوء الشمس، ماء، نتريد الكربون، ميتاتنجستات الأمونيوم، ميثانول، وسط حمضي | تخزين إلكترونات (تغير اللون إلى الأزرق) |
| التفريغ الكيميائي | السائل الأزرق، محفز بلاتيني، الظلام | إنتاج غاز الهيدروجين، عودة اللون إلى الأصفر |
أظهرت التجارب المخبرية نتائج مبهرة؛ حيث تمكن النظام من إنتاج 13.5 ميكرومول من الهيدروجين في الظلام بعد ساعة واحدة فقط من التعرض للضوء. والأكثر لفتاً للانتباه هو تحقيق النظام معدل إنتاج ذروة بلغ 3220 ميكرومول من الهيدروجين لكل غرام في الساعة، وهو رقم قياسي عالمي لأنظمة التحفيز الضوئي التي تعمل دون وجود ضوء مباشر.
على الرغم من هذه الإنجازات المذهلة، يقر الباحثون بأن هناك تحديات قائمة قبل الانتقال إلى التطبيق التجاري الفعلي. يتمحور التحدي الرئيسي حول ضمان استقرار الإلكترونات المخزنة لفترات طويلة تمتد لأسابيع أو حتى أشهر، بدلاً من الساعات، لضمان جدوى نقل هذا الوقود السائل المشحون إلى أماكن الاستهلاك البعيدة. تتجه الأبحاث المستقبلية نحو تعزيز هذه الاستقرارية لترسيخ هذا الابتكار كتقنية وقود سائل قابلة للتطبيق الصناعي الواسع.
نُشرت الدراسة في مجلة Advanced Materials المرموقة.
ما هي الميزة الرئيسية التي تقدمها هذه التقنية مقارنة بالبطاريات التقليدية؟
الميزة الأساسية هي أن هذا النظام يخزن الطاقة كيميائياً في سائل مستقر بدلاً من تخزينها كهربائياً في بطاريات. هذا يلغي الحاجة للبنية التحتية الكهربائية للنقل ويتيح تحويل الطاقة المخزنة إلى وقود هيدروجيني جاهز للاستخدام في أي وقت وبأي مكان، دون قيود درجات الحرارة المنخفضة أو الضغط العالي المطلوبين عادةً لتخزين الهيدروجين الغازي.
ما هي المكونات الكيميائية الأساسية التي تشكل "البطارية الشمسية السائلة"؟
تتكون بشكل أساسي من نتريد الكربون الجرافيتي كمحفز ضوئي، وميتاتنجستات الأمونيوم الذي يعمل كوسيط لتخزين الإلكترونات، مع استخدام الماء كمذيب أساسي، والميثانول كعامل مساعد لضمان كفاءة التفاعل في الوسط الحمضي.
كيف يتم استعادة الطاقة المخزنة في السائل؟
تتم الاستعادة بإضافة محفز بلاتيني إلى السائل الأزرق المشحون في الظلام. يعمل البلاتين على تسهيل انتقال الإلكترونات المخزنة إلى أيونات الهيدروجين في الوسط الحمضي، مما يؤدي إلى تفاعل اختزال ينتج غاز الهيدروجين النظيف.
ما هو الإنجاز القياسي الذي سجله النظام في الاختبارات المخبرية؟
سجل النظام معدل إنتاج للهيدروجين بلغ 3220 ميكرومول لكل غرام في الساعة، وهو أعلى معدل مسجل عالمياً لأنظمة التحفيز الضوئي التي تعمل في الظلام.
ما هو التحدي المستقبلي الأبرز الذي يواجه التبني التجاري لهذه التقنية؟
التحدي الأبرز هو إثبات استقرار تخزين الإلكترونات لفترات طويلة جداً (أسابيع أو شهور) لضمان أن يكون السائل المشحون قابلاً للنقل الاقتصادي والآمن لمسافات بعيدة قبل أن يتم تحويله إلى وقود.
🔎 يمثل هذا الابتكار نقلة نوعية في مفهوم تخزين الطاقة، حيث يقدم نموذجاً عملياً يمكنه دمج الطاقة الشمسية بشكل أكثر مرونة وكفاءة في شبكات الطاقة العالمية، مما يمهد الطريق نحو اقتصاد وقود هيدروجيني أكثر استدامة وفعالية من حيث التكلفة واللوجستيات.
قم بالتعليق على الموضوع