وصف المدون

مبتكر مبسط

إعلان الرئيسية

في تطور جيوسياسي وتقني هائل، كشفت تقارير صادرة عن وكالة رويترز في ديسمبر 2025 أن الصين نجحت في تجميع نموذج أولي لآلة الطباعة الحجرية بالأشعة فوق البنفسجية القصوى (EUV) داخل منشأة سرية للغاية في مدينة شينزين. تمثل هذه الآلة نقطة تحول استراتيجية، إذ أن تقنية EUV هي العمود الفقري لتصنيع أحدث أشباه الموصلات بدقة نانومترية متقدمة (5 نانومتر وما دونها)، وهي تكنولوجيا احتكرتها شركة ASML الهولندية لعقود طويلة.

اكتمل بناء هذا النموذج في بداية عام 2025 وبدأ بالفعل في مرحلة الاختبارات الدقيقة، ما يشكل أول تحدٍ جدي للاحتكار الغربي لهذه التقنية الحيوية التي تعتبر المحرك الأساسي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المتطورة، والأنظمة العسكرية الحديثة، وأجيال الهواتف الذكية القادمة. هذا الإنجاز يضع الصين على مسار أسرع بكثير مما توقعه الغرب لامتلاك هذه القدرة التصنيعية.

  • ✅ تم الانتهاء من النموذج الأولي في أوائل عام 2025 وبدأ مرحلة الاختبارات المكثفة.
  • ✅ تهدف الصين إلى تحقيق الإنتاج التجاري الفعلي للرقائق باستخدام هذه التقنية بحلول عام 2028 أو 2030.
  • ✅ يختلف التصميم الصيني جذرياً عن آلة ASML بسبب القيود على المكونات فائقة الدقة.
  • ✅ يعتمد المشروع على خبرات مهندسين مستقطبين من الخارج وتطوير حلول بديلة للمرايا المعقدة.
نموذج أولي لآلة الطباعة الحجرية EUV الصينية

على الرغم من أن النموذج الصيني لم ينتج بعد رقائق تجارية قابلة للاستخدام، فإن مجرد نجاحه في توليد ضوء الأشعة فوق البنفسجية القصوى يمثل اختراقاً علمياً ضخماً يتجاوز التقديرات الغربية لجدول الصين الزمني بعقود. ويُعزى الاختلاف الشكلي بينه وبين نظيره الهولندي إلى غياب المكونات المصغرة عالية الدقة؛ حيث اضطر مهندسو الصين إلى تصميم مولدات طاقة ومسارات بصرية أضخم بكثير لتحقيق نفس التأثير الفيزيائي المطلوب.

تقود شركة هواوي هذا المسعى الوطني بالتعاون مع معهد تشانغتشون للبصريات (CIOMP). وقد تم تعزيز جهود البحث بالاستعانة بخبرات مهندسين سابقين في شركة ASML تم استقطابهم بسرية تامة. ويعتمد المشروع بشكل كبير على مزيج من الهندسة العكسية لقطع قديمة تم الحصول عليها من أسواق ثانوية، ودمجها مع ابتكارات محلية متقدمة.

الفارق الجوهري: من DUV إلى EUV في صناعة الرقائق

تكمن الأهمية القصوى لهذا الإنجاز في التباين الكبير بين تقنية الأشعة فوق البنفسجية "العميقة" (DUV) التي تتقنها الصين وتنتجها عبر شركات مثل SMEE، وبين تقنية "القصوى" (EUV) المستهدفة. تعمل آلات (DUV) التقليدية بطول موجي أطول (193 نانومتر) وتعتمد على العدسات الزجاجية لتركيز الضوء. هذه التقنية وصلت إلى حدودها القصوى عند دقة 7 نانومتر، ولا يمكنها فيزيائياً رسم الدوائر الدقيقة المطلوبة لرقائق 5 نانومتر أو 3 نانومتر بكفاءة اقتصادية. الانتقال إلى (EUV) ضروري، حيث تعمل هذه التقنية بطول موجي ضئيل جداً يبلغ 13.5 نانومتر، مما يتيح نحت مليارات الترانزستورات على شريحة صغيرة، وهو إنجاز مستحيل بالتقنيات الأقدم.

التعقيد الهندسي الذي يجعل آلة ASML (التي تبلغ تكلفتها حوالي 250 مليون دولار للوحدة) تحفة تقنية يكمن في التعامل مع ضوء EUV. فالأشعة فوق البنفسجية القصوى تُمتص بسهولة من قبل أي مادة تمر خلالها، بما في ذلك الهواء والزجاج. لذلك، يجب أن تتم العملية بأكملها في بيئة فراغ مثالية. بدلاً من استخدام العدسات، تعتمد الآلة الهولندية على سلسلة من المرايا فائقة التعقيد والمتعددة الطبقات، والتي تُصنع حصرياً من قبل شركة "كارل زايس" الألمانية. وتُعتبر هذه المرايا من أكثر الأسطح استواءً التي صنعها الإنسان، حيث تعكس الضوء وتوجهه بدقة نانومترية. أما مصدر الضوء، فيتطلب قصف قطرات من القصدير المصهور بواسطة ليزر عالي الطاقة بمعدل 50 ألف مرة في الثانية لتكوين بلازما تشع هذا الضوء النادر.

في المقابل، واجهت الصين تحدياً هائلاً لغياب شركة "زايس" عن سلسلة التوريد. وقد دفع هذا معهد تشانغتشون لتطوير نظام بديل لتوليد وتوجيه الضوء، يُعتقد أنه يعتمد على تقنيات تفريغ شحنات كهربائية عالية الطاقة أو مصادر ضوء مختلفة، والتي تتطلب مساحة وطاقة أكبر، وهذا يفسر الحجم الضخم للنموذج الأولي. ورغم أن الآلة الصينية قد تكون "خشنة" تقنياً وتفتقر إلى دقة المرايا الألمانية المتطورة، إلا أنها أثبتت القدرة على توليد الضوء المطلوب، مما يعني حل المعضلة الفيزيائية الأساسية لتقنية EUV.

تخطط الصين حالياً لتحسين هذا النموذج لتمكين إنتاج رقائق فعلية بحلول عام 2028 كهدف طموح، أو 2030 كهدف أكثر واقعية، مستفيدة من حقيقة أن الأساس النظري للتقنية متاح لديهم ولا يبدأون من نقطة الصفر. للمقارنة، استغرقت ASML حوالي عقدين من الزمن ومليارات اليوروهات من البحث والتطوير للانتقال من أول نموذج أولي في عام 2001 إلى الإنتاج التجاري الواسع في عام 2019. تسعى الصين لاختصار هذا الإطار الزمني بشكل كبير عبر حشد الموارد الوطنية والخبرات المستقطبة.

ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر الذي يواجه الصين ليس مجرد بناء آلة واحدة قادرة على العمل، بل الوصول إلى معدلات إنتاجية تضمن جدوى تصنيع الرقائق اقتصادياً، وتمنع تلوث الرقائق أو تلفها أثناء العملية. هذه المرحلة هي التي تفصل عادة بين الإنجاز المختبري الناجح والنجاح الصناعي الفعلي الذي يغير موازين القوى في قطاع أشباه الموصلات.

ما هي التقنية الأساسية التي تحققها آلة EUV وتتفوق بها على DUV؟

تكمن الميزة الأساسية لتقنية الأشعة فوق البنفسجية القصوى (EUV) في استخدام طول موجي أقصر بكثير (13.5 نانومتر) مقارنة بتقنية DUV (193 نانومتر). هذا الطول الموجي القصير يسمح برسم أنماط ودوائر إلكترونية أدق بكثير على رقائق السيليكون، مما يمكن من تصنيع ترانزستورات أصغر حجماً على نفس المساحة، وهو أمر حيوي لإنتاج رقائق متقدمة مثل 5 نانومتر وما دونها.

لماذا يعتبر نموذج ASML معقداً جداً ويتطلب فراغاً كاملاً للعمل؟

التعقيد ينبع من طبيعة ضوء EUV نفسه؛ فهو يُمتص بسهولة بواسطة أي مادة، بما في ذلك الهواء أو الزجاج التقليدي. لذلك، يجب أن تتم عملية الطباعة الحجرية بأكملها داخل بيئة فراغ تام لضمان وصول الضوء إلى الرقاقة دون أن يتم امتصاصه. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد الآلة على مرايا عاكسة فائقة الدقة بدلاً من العدسات، مما يزيد من التعقيد الميكانيكي والبصري.

ما هو الدور الذي تلعبه شركة هواوي ومعهد تشانغتشون في هذا المشروع الصيني؟

تقود شركة هواوي هذا المشروع الاستراتيجي بالتنسيق المباشر مع معهد تشانغتشون للبصريات (CIOMP). هواوي توفر الإدارة والرؤية التجارية والتطبيقية، بينما يركز المعهد على الجوانب الهندسية والبصرية المعقدة، بما في ذلك تطوير بدائل للمكونات الغربية الرئيسية مثل مرايا زايس.

ما هو التحدي الأكبر المتبقي أمام الصين بعد بناء النموذج الأولي؟

التحدي الأكبر المتبقي هو الانتقال من النجاح المختبري إلى النجاح الصناعي. هذا يتطلب تحقيق معدلات إنتاجية عالية (Yield Rate) والتأكد من أن الآلة قادرة على إنتاج رقائق ذات جودة تجارية موثوقة دون أخطاء أو تلف، وهو ما يتطلب سنوات من الضبط الدقيق للعمليات والتحكم في التلوث.

كيف تمكن الفريق الصيني من تجاوز مشكلة عدم الحصول على المرايا الألمانية من زايس؟

بسبب القيود الأمريكية والهولندية على التصدير، اضطر الفريق الصيني إلى تطوير نظام بصري بديل. يُعتقد أن هذا النظام يعتمد على تقنيات مختلفة لتوليد الضوء وتوجيهه، مما أدى إلى زيادة حجم الآلة مقارنة بالتصميم الهولندي، ولكنه سمح لهم بتجاوز العقبة الفيزيائية الأساسية المتمثلة في توليد ضوء EUV.

ما هي دلالة نجاح الصين في توليد ضوء EUV؟

دلالة نجاح الصين في توليد ضوء EUV هي كسر الحاجز النظري والفيزيائي الذي كان يعتبره الغرب عقبة رئيسية أمام تقدم الصين في مجال أشباه الموصلات. هذا يمثل خطوة أولى حاسمة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في تصنيع الرقائق المتقدمة اللازمة للذكاء الاصطناعي والتقنيات العسكرية.

🔎 في الختام، يمثل بناء النموذج الأولي لآلة EUV في الصين إنجازاً علمياً وتقنياً ضخماً يغير المشهد التنافسي العالمي في صناعة الرقائق الدقيقة. ورغم أن الطريق نحو الإنتاج التجاري الفعال لا يزال طويلاً ومليئاً بالتحديات الهندسية والاقتصادية، فإن هذا الإنجاز يثبت الإرادة الوطنية الصارمة والقدرة على حشد الموارد لتجاوز القيود التكنولوجية المفروضة، مما يضع الصين بقوة على مسار المنافسة في قلب الثورة الرقمية القادمة.

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

قم بالتعليق على الموضوع

إعلان وسط الموضوع

ad

إعلان أخر الموضوع

Ad
Back to top button